الشيخان والنسائي عن أبي المنهال قال: سألت زيد بن أرقم، والبراء بن عازب عن الصرف فقالا: «(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا) (?)». وأخرج مسلم عن أبي نضرة قال: (سألت ابن عباس عن الصرف فقال: إلا يدا بيد، قلت: نعم، قال: فلا بأس، فأخبرت أبا سعيد، فقال: أو قال ذلك؟ إنا سنكتب إليه فلا يفتيكموه). وله من وجه آخر عن أبي نضرة: (سألت ابن عمر وابن عباس عن الصرف فلم يريا به بأسا، وإني لقاعد عند أبي سعيد، فسألته عن الصرف فقال: ما زاد فهو ربا، فأنكرت ذلك لقولهما، فذكر الحديث، قال: فحدثني أبو الصهباء أنه سأل ابن عباس عنه فكرهه). قال في الفتح: (واتفق العلماء على صحة حديث أسامة، واختلفوا في الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد. فقيل: إن حديث أسامة منسوخ، لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال. وقيل: المعنى في قوله (لا ربا) الربا الأغلظ الشديد التحريم المتوعد عليه بالعقاب الشديد، كما تقول العرب: (لا عالم في البلد إلا زيد)، مع أن فيها علماء غيره، وإنما القصد نفي الأكمل لا نفي الأصل. وأيضا نفي تحريم ربا الفضل من حديث أسامة إنما هو بالمفهوم فيقدم عليه حديث أبي سعيد، لأن دلالته بالمنطوق، ويحمل حديث أسامة على الربا الأكبر). اهـ. ويمكن الجمع أيضا بأن يقال: مفهوم حديث أسامة عام؛ لأنه يدل على نفي ربا الفضل عن كل شيء سواء كان من الأجناس المذكورة في أحاديث الباب أم لا، فهو أعم منها مطلقا، فيخصص هذا المفهوم بمنطوقها.
وأما ما أخرجه مسلم عن ابن عباس: (أنه لا ربا فيما كان يدا بيد) كما تقدم، فليس ذلك مرويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تكون دلالته على نفي ربا الفضل منطوقه، ولو كان مرفوعا لما رجع ابن عباس واستغفر لما حدثه