وهذا، في مكة استعان. بمطعم بن عدي لما رجع من الطائف وخاف من أهل مكة بعد موت عمه أبي طالب، فاستجار بغيره فلم يستجيبوا، فاستجار بالمطعم وهو من كبارهم في الكفر وحماه لما دعت الضرورة إلى ذلك، وكان يعرض نفسه عليه الصلاة والسلام على المشركين في منازلهم في منى يطلب منهم أن يجيروه حتى يبلغ رسالة ربه عليه الصلاة والسلام على تنوع كفرهم، واستعان بعبد الله بن أريقط في سفره وهجرته إلى المدينة - وهو كافر- لما عرف أنه صالح لهذا الشيء، وأن لا خطر منه في الدلالة، وقال يوم بدر: «لا أستعين بمشرك (?)» ولم يقل: " لا تستعينوا " بل قال: «لا أستعين (?)» لأنه ذلك الوقت غير محتاج لهم والحمد لله معه جماعة مسلمون، وكان ذلك من أسباب هداية الذي رده حتى أسلم «وفي يوم الفتح استعان بدروع من صفوان بن أمية، وكان على دين قومه، فقال: (أغصبا يا محمد) فقال: " لا ولكن عارية مضمونة (?)»، واستعان باليهود في خيبر لما شغل المسلمون عن الحرث بالجهاد وتعاقد معهم على النصف في خيبر حتى يقوموا على نخيلها وزروعها بالنصف للمسلمين والنصف لهم، وهم يهود، لما رأى المصلحة في ذلك. فاستعان بهم لذلك، وأقرهم في خيبر، حتى تفرغ المسلمون لأموالهم في خيبر في عهد عمر فأجلاهم عمر رضي الله عنه.

ثم القاعدة المعروفة يقول الله جل وعلا: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (?) والمسلمون إذا اضطروا لعدو شره دون العدو الآخر وأمكن الاستعانة به على عدو آخر أشر منه فلا بأس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015