وعند الفقهاء: تفويض كل واحد الآخر في كل شيء وهذا ما دل عليه المعنى اللغوي ولكنهم من حيث الحكم قسموا شركة المفاوضة قسمين، قسم فاسد وقسم صحيح:
القسم الفاسد: أن يدخل في الشركة كسبا لا مجال للعمل فيه من المكاسب النادرة التي تحصل له قهرية كالميراث أو مصادفة كلقطة وضمان غصب وأرش جناية، كأن يقول مثلا: نشترك في كل شيء أتحصل عليه حتى لو جنى علي وأخذت أرشه اشتركنا فيه، فهذا القسم فاسد لأنه عقد لم يرد الشرع بمثله فأشبه القمار، لما فيه من كثرة الغرر، وذلك بأن لا يحصل شيء مطلقا أو يحصل شيء لا أثر للعمل فيه فيأخذه الآخر بغير مقابل عمل، ومن ثم ربما يحدث النزاع والشقاق والحقد والندم، وقد يشمل هذا العقد أيضا ما لا يقتضيه فيحمل الشريك ما لا طاقة له به كضمان كفالة وغيرها.
فإذا وجد مثل هذا العقد يعتبر فاسدا ولاغيا، وعليه يكون لكل واحد من الشريكين ربح ماله وله أجرة عمله، وكذا ما يستفيده له وحده، ويختص بضمان ما غصبه أو جناه أو ضمنه عن الغير لفساد الشركة ولكل نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت (?).
القسم الثاني من شركة المفاوضة صحيح وهو: أن يفوض كل منها إلى صاحبه شراء وبيعا ومضاربة وتوكيلا وابتياعا في الذمة ومسافرة بالمال وارتهانا وضمانا أي تقبل ما يرى من الأعمال كخياطة وحدادة فهي صحيحة، وهي الجمع بين عنان ومضاربة، ووجوه وأبدان؛ لأن كل واحدة منها صحت مفردة فصحت مجتمعة، اهـ. من الكشاف (?) ونقل عن ابن منجا تنظيرا لهذه المسألة وكما لو ضم ماء طهور إلى مثله (?) اهـ.