وسبي النساء والذرية والأموال وإنما المقصود من ذلك هداية الناس وإرشادهم إلى الحق الذي خلقوا له كما سبق فإذا امتنعوا وأصروا ولم يقبلوا الحق بعد ذلك فالجهاد يفر إليه عند الحاجة أما إذا كفت الدعوة وقبلوا الحق فلا حاجة إلى الجهاد وإنما يصار إليه عند امتناع المدعو وعدم قبوله الحق فعند هذا شرع الله الجهاد بالسلاح لقمع المبطلين وإزاحتهم عن طريق الدعوة وإخراج الناس من الظلمات إلى النور وفتح الطريق أمام الدعوة إلى الله عز وجل حتى ينتشر الإسلام في أرض الله، وفيه من الفوائد أيضا الدلالة على أن هداية واحد خير من حمر النعم يعني أن الهداية لواحد من الكفار على يدك أيها الداعي أو أيها الأمير فيه خير عظيم وفضل كبير. قال بعض الأئمة معنى ذلك خير من الدنيا وما عليها لأن الدنيا زائلة والآخرة باقية فخيرها ولو كان قليلا خير من الدنيا وما عليها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها (?)».
وإنما ذكر صلى الله عليه وسلم حمر النعم لأن حمر النعم أنفس أموال العرب وأرفعها عندهم فمثل بها وإلا فالمقصود أن هداية رجل واحد أو أكثر من ذلك خير من الدنيا وحطامها الزائل الفاني. . وقال عليه الصلاة والسلام: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (?)» أخرجه مسلم في الصحيح وهو يدل على أن من دعا إلى الخير وأرشد إليه كان له مثل أجر فاعله وهذه فضيلة عظيمة للدعوة وشرف عظيم للدعاة أن الله سبحانه وتعالى يعطيهم مثل أجور من هداه الله على أيديهم، فيا له من خير ويا له من فضل ويا لها من منزلة.
يا أخي تدعو إلى ربك وإلى دينك وإلى اتباع نبيك عليه الصلاة والسلام، ويحصل لك مثل أجور من هداه الله على يديك هذه مزية عظيمة وفضل كبير، وفي ذلك حث وتحريض للدعاة على الدعوة والصبر عليها إذا كنت تحصل بذلك على مثل أجور من هداه الله على يدك، فحقيق بك أن تشمر وأن تسارع إلى الدعوة وأن تصبر عليها، وفي هذا خير عظيم، وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه