مكان ذلك النظم الصالحة والأحكام العادلة، وهكذا أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم أيضا، ليقضي على النظم الفاسدة في المجتمع الإنساني، والأخلاق المنحرفة، والظلم والجور، وليحل محلها نظما صالحة، وأحكاما عادلة، فبعثه صلى الله عليه وسلم ربه ليزيل ما في الأرض من الظلم والطغيان، وليقضي على الفساد، وليزيح النظم الفاسدة والطواغيت المستبدة، الذين يتحكمون في الناس بالباطل، ويظلمونهم ويتعدون على حقوقهم، ويستعبدونهم.
فبعث الله هذا النبي عليه الصلاة والسلام، ليزيل هذه النظم الفاسدة، والأخلاق الظالمة، وليقضي على الطغاة المتجبرين والقادة الفاسدين، وليحل محل ذلك قادة مصلحين، ونظما عادلة مستقيمة، وشرائع حكيمة عادلة، توقف الناس عند حدهم، ولا تفرق بين أبيض وأسود، ولا بين أحمر وغيره، ولا بين غني وفقير، ولا بين شريف عند الناس، ووضيع عندهم، بل جعل شريعته لا تفرق بين الناس، بل تواجههم جميعا وتأمرهم وتنهاهم جميعا، وبين الله سبحانه وتعالى أن أكرم الناس عند الله هو أتقاهم كما قال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} (?)، ولم يقل لتتفاخروا، أو ليترفع بعضكم على بعض، أو يستعبد بعضكم بعضا، أو يفخر بعضكم على بعض، ولكن قال: {لِتَعَارَفُوا} (?) ثم قال سبحانه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (?)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد (?)» خرجه مسلم في صحيحه.
وقال الله جل وعلا في القرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (?)، فهذا النبي العظيم عليه الصلاة والسلام أرسله الله برسالة عامة