وما يكون محض حق العباد فهو أكثر من أن يحصى، نحو ضمان الدية وبدل المتلفات، والمغصوب، وما أشبه ذلك مما يتعلق به مصحلة خاصة، ولا يقصد به في الواقع إلا حقوق الامتلاك للأفراد، أو التي تتعلق بالمصلحة الخاصة.
وقد بين الشاطبي - رحمه الله - أن ما هو حق للعباد فيه حق الله، إذ كل حكم شرعي ليس بخال عن حق الله تعالى، وهو جهة التعبد، فإن حق الله تعالى على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وعبادته سبحانه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه بإطلاق. فإن جاء ما ظاهره أنه حق للعبد كالقصاص مجردا، فليس كذلك بإطلاق. بل جاء على تغليب حق العبد في الأحكام الدنيوية، كما أن ما هو حق لله فهو راجع إلى العباد، إذ كل حكم شرعي فيه حق للعباد، إما عاجلا وإما آجلا بناء على أن الشريعة إنما وضعت لمصالح العباد (?). ولذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. . . وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا.
ومن هنا كان من الحقوق ما اجتمع فيه الحقان، حق الله وحق العبد، وأحدهما غالب فيه، فيمكن تعريفها بأنها: " ما تجمع بين مصالح عامة ومصالح للأفراد " (?).