ظلم إذ قال الله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (?) وظلم الحربي غير محرم لأنه جزاء على ظلمه، فإنه لا يكون إلا أشد ظلما من المسلم؛ لأنه يخون والمسلم لا يخون، ولأن المسلم يمنعه دينه من أعمال في الحرب ومع أهل الحرب لا يمنع الكافر دينه منها، كقتل غير المقاتلين، والتمثيل بالقتلى وغير ذلك مما هو معروف في الإسلام، ونرى غير المسلمين يرتكبونه حتى في البلاد التي جعلوها تحت حكمهم لا المحاربة لهم فقط، والمسلمون يساوون غيرهم ممن يدخل تحت حكمهم بأنفسهم على أن المسلم في دار الإسلام يجوز له أن يقضي دائنه دينه بأفضل مما أخذ منه، إذا كان بمحض اختياره، وقد قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان اقترض منه بعيرا بسن فوق سن بعيره، كما في الصحيحين، ولو كان ذلك مشروطا لكان ربا. قال أبو هريرة - كما في البخاري -: «إن رجلا تقاضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأغلظ له، فهم به أصحابه، فقال: " دعوه، فإن لصاحب الحق مقالا، واشتروا له بعيرا فأعطوه إياه " فقالوا: لا نجد إلا أفضل من سنه. فقال: " اشتروه فأعطوه إياه فإن خيركم أحسنكم قضاء (?)».
وما رواه الحارث عن علي: «كل قرض جر منفعة فهو ربا» فسنده ضعيف، بل قالوا: إنه ساقط؛ فإن راويه سوار بن مصعب متروك، يروي المنكرات، بل اتهم برواية الموضوعات.
لولا كتاب خاص شرح لنا فيه صديقنا السائل سبب سؤاله لما فهمنا قوله فيه أن تلك الفتوى ضربة قاضية على جميع ما حرمه الله تعالى. فقد كتب إلينا أن بعض المستمسكين بحبل الدين في جاوه قد استنكروا الفتوى المسئول عنها؛ لأنهم فهموا منها أن استحلال الربا في دار الحرب يفضي إلى استحلال سائر المعاصي كالزنا واللواط والقتل وغير ذلك فيها