وقد سئل عن الربا الذي لا شك فيه، فقال: هو أنه كأن يكون للرجل على الرجل دين مؤجل، فإذا جاء الأجل ولم يكن عنده ما يقضي به زاده في المال وزاده صاحبه في الأجل، وهذا بعض ربح المصارف المالية، وليس منه ما تأخذه ولا ما تعطيه لأصحاب سهامها، ولا للمودعين لأموالهم فيها، وأما كونه بعض مالها المحرم في الإسلام فمثله كثير من أموال الناس، وللعبرة في مثله بصفة أخذه لا بأصله، ولا سيما في هذا العصر قلما يوجد فيه كسب يلتزم فيه الشرع في بلاد الإسلام، فما القول في بلاد الإفرنج ومستعمراتهم؟

فمن اعتقد مع هذا كله أنه من الربا المحرم لا يجوز له أخذه لأجل أن يدفعه في الضرائب المحرمة من باب دفع الفاسد بالفاسد، لأنه ليس ثمة ضرورة تبيح له ذلك، ومن اعتقد أنه من غير الربا الشرعي قطعيا لم يحرم عليه، فإن التحريم هو حكم الله المقتضي للترك اقتضاء جازما، واشترط الحنفية وجمهور السلف أن يكون بنص قطعي، بل قال أبو يوسف: إنه لا يقال في شيء أنه حرام إلا إذا كان بينا في كتاب الله بغير تفسير. ومن كان عنده شبهة فيه دون التحريم كان دفعه في ضرائب الظلم الإجبارية أولى من دفع الأموال التي لا شبهة فيها. وقد بينا حكم الشبهات من قبل في مباحث الربا والمعاملات المالية التي تصدر في كتاب مستقل.

11 - وجاء أيضا أخذ الربا من البنوك لإنفاقه على الفقراء.

جـ2: من المعلوم بالدين بالضرورة أن الربا القطعي لا يجوز أخذه لأجل التصدق به، لأن التقرب إلى الله بما حرمه الله، فإن هذا تناقض بديهي البطلان، ولكن لاستغلال المال في الشركات المالية من المصارف وغيرها أعمالا ليست من الحرام القطعي قد بيناها من قبل، وسيكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015