قال: لا حاجة للمسلمين فيما أضر بيت مالهم.
واعلم أن من العلماء من جعل تصرف الغاصب ونحوه في مال غيره موقوفا على إجازة مالكه، فإن أجاز تصرفه فيه جاز، وقد حكى بعض أصحابنا رواية عن أحمد أنه من أخرج زكاته من مال مغصوب ثم أجازه المالك جاز وسقطت عنه الزكاة. وكذلك خرج ابن أبي الدنيا رواية عن أحمد أنه إذا أعتق عبد غيره عن نفسه ملتزما ضمانه في ماله ثم أجازه المالك جاز ونفذ عتقه، وهو خلاف نص أحمد. وحكى عن الحنفية أنه لو غصب شاة فذبحها لمتعته وقرانه ثم أجازها المالك أجزأت عنه.
الوجه الثاني من تصرفات الغاصب في المال المغصوب: أن يتصدق به على صاحبه إذا عجز عن رده إليه وإلى ورثته، فهذا جائز عند أكثر العلماء: منهم مالك وأبو حنيفة وأحمد وغيرهم. قال ابن عبد البر: ذهب الزهري ومالك والثوري والأوزاعي والليث إلى أن الغال إذا تفرق أهل العسكر ولم يصل إليهم أنه يدفع إلى الإمام خمسه ويتصدق بالباقي، روي ذلك عن عبادة بن الصامت ومعاوية والحسن البصري، وهو يشبه مذهب ابن مسعود وابن عباس - رضي الله عنهما - أنهما كانا يريان أن يتصدق بالمال الذي لا يعرف صاحبه، وقال: قد أجمعوا في اللقطة على جواز الصدقة بها بعد التعريف وانقطاع صاحبها، وجعلوه إذا جاء مخيرا بين الأجر والضمان، وكذلك المغصوب. انتهى.
وروي عن مالك بن دينار قال: سألت عطاء بن أبي رباح عمن عنده مال حرام ولا يعرف أربابه ويريد الخروج منه؟ قال: يتصدق به ولا أقول أن ذلك يجزي عنه. قال مالك: كان هذا القول من عطاء أحب إلي من زنة ذهب.
وقال سفيان فيمن اشترى من قوم شيئا مغصوبا: يرده إليهم، فإن لم يقدر عليهم يتصدق به كله ولا يأخذ رأس ماله. وكذا قال فيمن باع شيئا ممن