وبهذا تعلم أن ما يصنع حول القبور المعبودة من دون الله، مثل: قبر البدوي، والحسين بمصر وأشباه ذلك، وما يقع من بعض الجهال من الحجاج وغيرهم، عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - من طلب المدد والنصر على الأعداء، والاستغاثة به، والشكوى إليه ونحو ذلك، أن هذه عبادة لغير الله - عز وجل -، وأن هذا شرك الجاهلية الأولى، وهكذا ما قد يقع من بعض الصوفية من اعتقادهم أن بعض الأولياء يتصرف في الكون ويدبر هذا العالم والعياذ بالله شرك أكبر في الربوبية.
وهكذا ما يقع من اعتقاد بعض الناس، أن بعض المخلوقات له صلة بالرب - عز وجل -، وأن يستغني بذلك عن متابعة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - أو أنه يعلم الغيب، أو أنه يتصرف في الكائنات، وما أشبه ذلك، فإنه كفر بالله أكبر، وشرك ظاهر، يخرج صاحبه من الملة الإسلامية إن كان ينتسب إليها.
فلا توحيد، ولا إسلام، ولا إيمان، ولا نجاة إلا بإفراد الله بالعبادة، والإيمان بأنه مالك الملك، ومدبر الأمور، وأنه كامل في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله، لا شريك له، ولا شبيه له، ولا يقاس بخلقه - عز وجل -، فله الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله، وهو مدبر الملك - جل وعلا - لا شريك له، ولا معقب لحكمه.
هذا هو توحيد الله، وهذا هو إفراده بالعبادة، وهذا هو دين الرسل كلهم، وهذا معنى قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (?) يعني إياك نوحد ونطيع ونرجوك ونخافك، كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: نعبدك وحدك، ونرجوك ونخافك.
وإياك نستعين على طاعتك، وفي جميع أمورنا. فالعبادة هي توحيد الله - عز وجل - والإخلاص له في طاعة أوامره، وترك نواهيه سبحانه