تقول العرب: طريق معبد، يعني مذلل، قد وطئته الأقدام، حتى صار لها أثر بين يعرف، ويقال: بعير معبد أي قد شد ورحل عليه حتى صار له أثر فصار معبدا.
والعبد هو: الذليل المنقاد لله، المعظم لحرماته، وكلما كان العبد أكمل معرفة بالله وأكمل إيمانا به، صار أكمل عبادة.
ولهذا كان الرسل أكمل الناس عبادة؛ لأنهم أكملهم معرفة وعلما بالله وتعظيما له من غيرهم، صلوات الله وسلامه عليهم، ولهذا وصف الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالعبودية في أشرف مقاماته، فقال سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} (?)، وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} (?)، وقال تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} (?)، إلى غير ذلك.
فالعبودية مقام عظيم وشريف، ثم زادهم الله فضلا من عنده سبحانه بالرسالة التي أرسلهم بها، فاجتمع لهم فضلان: فضل الرسالة، وفضل العبودية الخاصة، فأكمل الناس في عبادتهم لله وتقواهم له هم الرسل والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، ثم يليهم الصديقون الذين كمل تصديقهم لله ولرسله، واستقاموا على أمره، وصاروا خير الناس بعد الأنبياء، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، فهو رأس الصديقين، وأكملهم صديقية، بفضله وتقواه، وسبقه إلى الخيرات، وقيامه بأمر الله خير قيام، وكونه قرين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه في الغار، ومساعده بكل ما استطاع من قوة - رضي الله عنه وأرضاه -.