وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وعاصم الجحدري، وهي من القراءات المشهورة المعتد بها والمطابقة لقواعد العربية المجمع عليها والموافقة للقياس النحوي المبني على لغة قوية اطرد سماعها، وذلك لأنها لم توافق رسم المصحف.
وهو قد فضل قراءة على أخرى لموافقتها رسم المصحف وذلك في قوله تعالى: "الصراط"، فقد روي عن ابن كثير وأبي عمر السين والصاد، وقرأ ابن عباس بالسين (?)، ففيه على هذا لغتان، وقد اختار الأخفش قراءة الصاد لأنها كتبت كذلك في جميع القرآن، فهي تطابق الرسم القرآني في حين تخالف قراءة السين رسم المصحف.
وقد اشترط الأخفش أيضا لقبول أية قراءة أن تكون منسجمة المعنى مع السياق، وهو يردها إذا لم تكن كذلك، فعل هذا مثلا في قوله تعالى: {لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} (?)، فقد ذكر أن بعضهم يقرأ بتثقيل الصاد، وإنما معنى تثقيلها المتصدقون، وليس التصدق بالمعنى المقصود، وإنما المقصود التصديق (?).
وكان الأخفش يستقصي وجوه الإعراب والقراءات معا في آي القرآن على أكمل وجه وأدقه وأوضحه مما يدل على سعة اطلاعه وواسع إحاطته بالأمرين معا.
فهو إذا وجد في آية وجها إعرابيا لم يقرأ به أصلا، أو وجد آية لم يعرف لقراءة فيها وجهها من اللغة، فإنه ينص على ذلك صراحة، فقد ذهب مثلا في قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (?) إلى أن "عدة" بالرفع، وإن شئت نصبت على تقدير "فليصم عدة" إلا أن النصب لم يقرأ (?)، وذهب أيضا في قوله تعالى: