العلماء بعده، فكتابه "المسائل الكبير" مثلا مصنف ضخم عول عليه ابن السراج النحوي البغدادي المتوفي سنة 316هـ في كتابه المعروف "الأصول" وأخذت أيضا كتب النحو المعتمدة نقولا كثيرة منه (?).
لكل هذا كان من الطبيعي أن يتعرض الأخفش من معاصريه أو غيرهم لما يتعرض له الأعلام من الأعلام في المعتاد، فوجهت إليه من بعضهم سهام الطعن، ونسبت إلى صياغاته في مؤلفاته المثالب؛ فقد قيل فيه مثلا: إنه كان يتزيد في حب المال، وإن آية ذلك حرصه على أن لا يقرئ كتاب سيبويه للكسائي والجرمي والمازني إلا بالأجر الوفير، وإنه كان يبهم في كتبه ويغمض في أساليبها حتى ضج من ذلك الكبار كالجاحظ المتوفى سنة 255هـ الذي ناقش الأخفش في سبب جعل كتبه في النحو غير مفهومة (?)، ولامه على ذلك لوما شديدا ودعاه إلى تبسيطها، وقد أجابه الأخفش قائلا: "أنا رجل لم أضع كتبي هذه لله، وليست هي من كتب الدين، ولو وضعتها هذا الوضع الذي تدعوني إليه - يقصد الوضع السهل - قلت حاجاتهم إلي فيها، وإنما كانت غايتي المنالة. . وإنما قد كسبت في هذا التدبير، إذ كنت إلى التكسب ذهبت" (?). وكثعلب الكوفي المتوفى سنة 291هـ الذي قال لابن الخياط النحوي البغدادي المتوفى سنة 320هـ عن كتاب الأخفش: "المسائل الكبير" في النحو: "ويحك صاحبك هذا مجنون يتكلم بما لا يفهم" (?) فأجابه: "هذا رجل أشرف على بحر فهو يتكلم منه بما يريد" (?).
ولقد حملت صعوبة كتبه وتعقيد أساليبها المصنفين على الاهتمام البالغ بمعالجة ما فيها من الوعورة والحرص على إبانة مقصودها، فكتاب "الأوسط" مثلا جعل المبرد البصري المتوفى سنة 285هـ يحرص على