تعالى قال: يفهم من هذه الآية الكريمة أن الخمر نجسة العين لأن الله تعالى قال: إنها رجس، والرجس في كلام العرب كل مستقذر تعافه النفس، وقيل أن أصله من الركس وهو العذرة والنتن، قال بعض العلماء: ويدل لهذا مفهوم المخالفة في قوله تعالى في شراب أهل الجنة {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} (?) لأن وصفه لشراب أهل الجنة بأنه طهور يفهم منه أن خمر الدنيا ليس كذلك، ومما يؤيد هذا أن كل الأوصاف التي مدح بها الله تعالى خمر الآخرة منفية عن خمر الدنيا كقوله تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} (?) وقوله {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ} (?) بخلاف خمر الدنيا ففيها غول يغتال العقول، وأهلها يصدعون أي يصيبهم الصداع الذي هو وجع الرأس بسببها (?). انتهى المقصود.
وأما السنة فما رواه البخاري وغيره عن أبي ثعلبة الخشني قال: قلت: «يا نبي الله إنا بأرض قوم من أهل الكتاب أفنأكل في آنيتهم قال: أما ما ذكرت من أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها (?)».
وفي لفظ لأحمد عن أبي ثعلبة الخشني قال: قلت يا رسول الله: «إن أرضنا أرض أهل كتاب وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف أصنع بآنيتهم وقدورهم قال: إن لم تجدوا غيرهما فارحضوها واطبخوا فيها واشربوا (?)». وعنه من طريق أخرى قال: «قلت يا رسول الله: إنا أهل سفر نمر باليهود والنصارى والمجوس