فهو عز وجل فوق العرش عال فوق خلقه كما أخبرنا بذلك عن نفسه، وعلمه في كل مكان لا يخفى عليه خافية كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} (?) {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (?)، وقال سبحانه: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (?).
فهذه الآيات المحكمات وما جاء في معناها كلها ترشد العباد إلى أن ربهم سبحانه فوق العرش، وأعمالهم ترفع إليه وهو معهم بعلمه أينما كانوا لا يخفى عليه منهم خافية، أما المعية الخاصة فهي للأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم بإحسان وهم أهل التقوى والإيمان والصبر والمصابرة وهذه المعية الخاصة تقتضي الحفظ والكلاءة والنصر والتأييد كما قال عز وجل عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال لصاحبه في الغار وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (?). ولما أرسل الله موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون اللعين قال لهما مثبتا ومطمئنا: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (?)، وقال عز وجل في كتابه المبين يخاطب المشركين: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} (?)، وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (?)،