صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن بيعتين في بيعة (?)» و «عن سلف وبيع (?)» فجمعه بين هذين العقدين في النهي لأن كلا منهما يؤول إلى الربا؛ لأنهما في الظاهر بيع وفي الحقيقة ربا.
ومما يدل على تحريم العينة: حديث ابن مسعود يرفعه «لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والمحلل والمحلل له (?)».
ومعلوم أن الشاهدين والكاتب إنما يكتب ويشهد على عقد صورته جائزة الكتابة والشهادة، لا يشهد بمجرد الربا ولا يكتبه، ولهذا قرنه بالمحلل والمحلل له حيث أظهر صورة النكاح ولا نكاح، كما أظهر الكاتب والشاهدان صورة البيع ولا بيع.
وتأمل كيف لعن في الحديث الشاهدين والكاتب والآكل والموكل فلعن المعقود له، والمعين له على ذلك العقد ولعن المحلل والمحلل له فالمحلل له هو الذي يعقد التحليل لأجله والمحلل هو المعين له بإظهار صورة العقد، كما أن المرابي هو المعان على أكل الربا بإظهار صورة العقد المكتوب المشهود به فصلوات الله وسلامه على من أوتي جوامع الكلم.
الدليل السابع: ما صح عن ابن عباس أنه قال (إذا استقمت بنقد، فبعت بنقد فلا بأس، وإذا استقمت بنقد فبعت بنسيئة فلا خير فيه تلك ورق بورق) رواه سعيد وغيره.
ومعنى كلامه: أنك إذا قومت السلعة بنقد ثم بعتها بنسيئة كان مقصود المشتري شراء دراهم معجلة بدراهم مؤجلة وإذا قومتها بنقد ثم بعتها به فلا بأس، فإن ذلك بيع، المقصود منه السلعة لا الربا.
الدليل الثامن: ما رواه ابن بطة عن الأوزاعي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يأتي على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع (?)» يعني العينة.
وهذا - وإن كان مرسلا - فهو صالح للاعتضاد به ولا سيما وقد تقدم من المرفوع ما يؤكده ويشهد له أيضا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها (?)».