بستمائة درهم فقالت لها: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت، أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن يتوب) رواه الإمام أحمد وسعيد بن منصور، والظاهر: أنها لا تقول مثل هذا التغليظ وتقدم عليه إلا بتوقيف سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجرى مجرى روايتها ذلك عنه، ولأن ذلك ذريعة إلى الربا فإنه يدخل السلعة ليستبيح بيع ألف بخمسمائة إلى أجل معلوم، وكذلك روي عن ابن عباس في مثل هذه المسألة أنه قال: (أرى مائة بخمسين بينهما حريرة) يعني خرقة حرير جعلاها في بيعها، والذرائع معتبرة لما قدمناه، فأما بيعها بمثل الثمن أو أكثر فيجوز، لأنه لا يكون ذريعة، وهذا إذا كانت السلعة لم تنقص عن حالة البيع، فإن نقصت مثل إن هزل العبد أو نسي صناعة أو تخرق الثوب أو بلي جاز له شراؤها بما شاء، لأن نقص الثمن لنقص المبيع لا للتوسل إلى الربا، وإن نقص سعرها أو زاد لذلك أو لمعنى حدث فيها لم يجز بيعها بأقل من ثمنها كما لو كانت بحالها نص أحمد على هذا كله.

(فصل) وإن اشتراها بعرض أو كان بيعها الأول بعرض فاشتراها بنقد جاز، وبه قال أبو حنيفة ولا نعلم فيه خلافا، لأن التحريم إنما كان لشبهة الربا، ولا ربا بين الأثمان والعروض، فأما إن باعها بنقد ثم اشتراها بنقد آخر مثل أن يبيعها بمائتي درهم ثم اشتراها بعشر دنانير فقال أصحابنا يجوز لأنهما جنسان لا يحرم التفاضل بينها، فجاز كما لو اشتراها بعرض أو بمثل الثمن، وقال أبو حنيفة: (لا يجوز استحسانا). لأنهما كالشيء الواحد في معنى الثمنية، ولأن ذلك يتخذ وسيلة إلى الربا فأشبه ما لو باعها بجنس الثمن الأول وهذا أصح إن شاء الله تعالى.

(فصل) وهذه المسألة تسمى مسألة العينة. قال الشاعر:

أندان أم نعتان أم ينبري لنا ... فتى مثل نصل السيف ميزت مضاربه

فقوله " نعتان " أي نشتري عينة مثل ما وصفنا، وقد روى أبو داود بإسناده عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا تبايعتم بالعينة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015