البيع الثاني قبل قبض المبيع؛ إذ القبض لم يذكر في الحديث، قلنا: لا يصح هذا لأنها ذمته لأجل الربا بقرينة تلاوة آية الربا وليس في بيع المبيع قبل القبض ربا، ولا يخفى ضعف هذا الجواب؛ لأن تلاوة الآية ظاهر في كونها لاشتمالها على قبول التوبة جوابا لقول المرأة: أرأيت إن أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل، كان هذا مع التوبة فتلت آية ظاهرة في قبول التوبة وإن كان سوقها في القرآن في الربا. وأورد عليه طلب الفرق بين النهي عن بيع الولد الكائن مع أمه مفردا لم يوجب الفساد فلما أوجبه هذا النهي أجيب بأن النهي إذا كان لأمر يرجع إلى نفس البيع أوجبه وإن كان لأمر خارج لا، والنهي فيما ذكر للتفريق لا لنفس البيع، حتى لو فرق بينهما بغير البيع أثم، فيكره البيع في نفسه كالبيع وقت النداء وهنا هو لشبهة الربا وهو مخصوص بالبيع، ولشبهة الربا حكم حقيقة.
قال صاحب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل الحطاب:
(فصل) جاز لمطلوب منه سلعة أن يشريها ليبيعها بمال (ش) لما فرغ - رحمه الله - من الكلام على بيوع الآجال التي لا تخص أحدا أعقبها ببيع أهل العينة لاتهام بعض الناس فيها، وهذا الفصل يعرف عند أصحابنا ببيع أهل العينة، والعينة بكسر العين وهو فعلة من العون؛ لأن البائع يستعين بالمشتري على تحصيل مقاصده، وقيل من العناء وهو تجشم المشقة، وقال عياض في كتاب الصرف: سميت بذلك لحصول العين وهو النقد لبائعها وقد باعها لتأخير. وقال قبله: هو أن يبيع الرجل الرجل السلعة بثمن معلوم إلى أجل ثم يشتريها منه بأقل من ذلك الثمن أو يشريها بحضرته من أجنبي ليبيعها من طالب العينة بثمن أكثر مما اشتراها به إلى أجل، ثم يبيعها هذا المشتري الأخير من البائع الأول نقدا بأقل مما اشتراها به، وخفف هذا الوجه بعضهم ورآه أخف من الأول، وقال ابن عرفة: بيع أهل العينة هو البيع المتحيل به على دفع عين في أكثر منها. اهـ.
وقسم ابن رشد (في رسم حلف أن لا يبيع من سماع ابن القاسم من كتاب السلم