وهذا التراث هو أعظم تراث ولا نجاة للعالم ولا سعادة للعالم إلا بحفظ هذا التراث والتفقه فيه، والاستقامة عليه، والدعوة إليه علما وعملا، وعقيدة، وخلقا، وسيرة، فكتاب الله فيه الهدى والنور، وفي سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بيان ما قد يخفى، مع بيان أحكام جاءت بها السنة لم تذكر في كتاب الله، وأحكام فصلتها السنة لم تفصل في كتاب الله، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (?)، وقال جل وعلا: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (?).
فالله أنزل الكتاب عليه تبيانا لكل شيء، وأمره سبحانه أن يبين للناس وأن يشرح لهم ما قد يخفى عليهم، وأن يوضح لهم ما قد يختلفون فيه، حتى يرجعوا إلى الصواب، وحتى يستقيموا على الهدى. وقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام، وأدى الأمانة ونصح الأمة، حتى قال لهم يوم عرفة بعد ما خطبهم وبين لهم ما يجب عليهم في حجهم، وبين لهم أمورا أخرى تهمهم وتهم المسلمين جميعا فيما يتعلق بالربا وأمور الجاهلية وبتحريم الدماء والأموال والأعراض، وما يتعلق بالنساء والوصية بهن خيرا وبيان حقوقهن على أزواجهن وحق أزواجهن عليهن - قال بعد ذلك وبعد ما أوصاهم بالقرآن: «وأنتم تسألون عني فما أنتم