الهوام والشياطين فيه من الجن والإنس وغير ذلك. وأما إزعاجه فلأنه يلقى الإنسان نائما أو ساكنا فيكون له من الروع ما ليس له في النهار.
الثالثة: قوله -عز وجل-: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (?) {مَلِكِ النَّاسِ} (?) {إِلَهِ النَّاسِ} (?) الرب والملك والإله مترتبة في العموم والخصوص، فالرب أعمها، لأنه قد يكون ملكا وقد لا يكون، وكذلك الملك قد يكون إلها وهو الله -عز وجل- وحده، وقد لا يكون. وأضاف الله -عز وجل- نفسه إلى الناس لأنهم من أشراف العالم، كما كان الفلق من أعظم الآيات، فإذا تعوذ الإنسان بإله الناس امتنع الشيطان من الإقدام عليه امتناعا اختياريا واضطراريا لعظمة من تعوذ به، وهذا موجود في عرف الناس.
{مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ} (?) أي الذي يوسوس كما بين بعد. والوسوسة في الأصل: الحركة والاضطراب، قال الأعشى:
تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت ... كما يناب بريح عشرق زجل (?)
ووسوسة الشيطان حركة روحانية خفية يلقيها الشيطان إلى نفس الإنسان بواسطة جريانه منه مجرى الدم، أو كما يشاء الله -عز وجل-: {الْخَنَّاسِ} (?) الذي يوسوس تارة ويخنس: أي يميل ويسكن تارة. ويقال: إن الشيطان خاتم على قلب ابن آدم، فإذا غفل عن الذكر وسوس الشيطان (?)، فإذا ذكر الله -عز وجل- خنس: أي مال وسكت عن الوسوسة، ومنه {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} (?) {الْجَوَارِ الْكُنَّّسِ} (?) يعني النجوم تجري في أفلاكها ثم تخنس: أي تميل للغروب أو تجري في أفلاك استقامتها ثم تميل في أفلاك تداويرها، ونحوها من أحوال رجوعها.
قوله -عز وجل-: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} (?) يحتمل