قرص ببناء عظيم، أو يجري بها ماء إلى أرض، أو سقف بها اعوجاج في أمر ونحو ذلك ومنها كرم من له العمل، مثل أن يسقط سوط الملك من يده، فيناوله إياه بعض العامة، فيعطيه على ذلك مالا جزيلا. ويروى عن الشافعي - رضي الله عنه- أن سوطه سقط من يده، فناوله إياه بعض العامة، فقال الشافعي لغلامه: أعطه ما معك من النفقة، فكان خمسين دينارا، وقال: لو كان معنا غيرها لأعطيناه (?)، وذلك لكرمه وسعة مروءته- رضي الله عنه-. وقد يتجه غير ذلك من الأسباب.
وإذا عرف ذلك فلا يبعد أن يعطي الله -عز وجل- قارئ سورة "الزلزلة" أجر قارئ نصف القرآن ببعض هذه الأسباب خصوصا وقد ثبت بالسنة الصحيحة أن بعض القرآن أعظم وأفضل من بعض، كما ثبت أن الفاتحة أعظم السور، وآية الكرسي أعظم الآيات (?) فقد تختص هذه السورة بخصائص يعلمها الشرع تقتضي أن يرتب على قراءتها من الأجر ذلك، كما اختص بعض الأشخاص والأزمنة والأمكنة والأحوال بخواص اختصت لأجلها بما ليس لغيرها من جنسها، وذلك كأشخاص الأنبياء والأولياء ظهر على أيديهم من المعجزات والخوارق ما لم يظهر على أيدي غيرهم من الأشخاص، وكما اختص رمضان والأشهر الحرم ويوم الجمعة وليلة القدر ويوم عرفة وعاشوراء ونحوها من الأزمنة بخصائصها المشهورة شرعا، وكما اختص المسجد الحرام بأن صلاة الفرض فيه أفضل منها في غيره وبسائر خصائصه.
واختص المساجد الثلاثة بشد الرحال إليها، وتضاعف الصلاة فيها على غيرها، ونحو ذلك. وكما اختص حال الجهاد بتضاعف أجر الصوم فيها، كما جاء في الحديث: «من صام يوما في سبيل الله باعده الله عن النار سبعين خريفا (?)»