ديته مثل دية المسلم. وقال عمر بن عبد العزيز: ديته مثل دية اليهودي والنصراني وهو نصف دية المسلم عندهم.
دليلنا ما روي عن عمر وعثمان وابن مسعود وغيرهم أنهم قالوا: (دية المجوسي ثمانمائة درهم ثلثا عشر دية المسلم. فإذا كانت دية المسلم اثني عشر ألف درهم، فإن ثلثي عشرها ثمانمائة ولا مخالف لهم في الصحابة. فدل على أنه إجماع وأما عبدة الأوثان إذا كان بيننا وبينهم هدنة أو دخلوا إلينا بأمان فلا يجوز قتلهم، فمن قتل منهم وجبت فيه دية المجوسي؛ لأنه كافر لا يحل للمسلم مناكحة أهل دينه، فكانت ديته كالمجوسي ثلثي عشر دية المسلم. وأما الكافر الذي لم تبلغه الدعوة فلا يجوز قتله حتى يعرف أن هاهنا رسولا يدعو إلى الله. فإن أسلم وإلا قتل فإن قتله قاتل قبل أن تبلغه الدعوة، وجبت فيه الدية.
وقال أبو حنيفة (لا دية فيه) دليلنا أنه قتل محقون الدم فوجبت فيه الدية كالذمي.
إذا ثبت هذا، فاختلف أصحابنا في قدر ديته، فمنهم من قال تجب فيه دية المسلم لأنه مولود على الفطرة، ومنهم من قال: إن كان متمسكا بدين مبدل وجبت فيه دية أهل ذلك الدين، مثل أن يكون متمسكا بدين من بدل من اليهودية والنصرانية، وإن كان متمسكا بدين من لم يبدل منهم وجبت فيه دية مسلم؛ لأنه مسلم لم يظهر منه عناد. ومنهم من قال تجب فيه دية المجوسي؛ لأنه يقين وما زاد مشكوك فيه وهذا هو الأصح؛ لأن الشافعي - رضي الله عنه - قال: هو كافر لا يحل قتله. وإذا كان كافرا وجبت فيه أقل دياتهم لأنه اليقين.
وإن قطع يد ذمي ثم أسلم ثم مات من الجراحة وجبت فيه دية مسلم؛ لأن الاعتبار بالدية حال الاستبرار. وإن قطع مسلم يد مرتد ثم أسلم ثم مات من الجراحة لم يضمن القاطع دية النفس ولا دية اليد. وقال الربيع فيه قول آخر أنه يضمن دية اليد والمذهب الأول؛ لأنه قطعه في حال لا يجب ضمانه، وما حكاه الربيع من تخريجه.