فيهما من السعي بالإفساد بين الناس وإيجاد الشقاق والفوضى، وإيقاد نار العداوة والغل والحسد والنفاق، وإزالة كل مودة وإماتة كل محبة بالتفريق والخصام والتنافر بين الإخوة المتصافين؛ ولما فيهما أيضا من الكذب والغدر والخيانة والخديعة، وكيل التهم جزافا للأبرياء وإرخاء العنان للسب والشتائم، وذكر القبائح ولأنهما من عناوين الجبن والدناءة والضعف هذا، إضافة إلى أن أصحابهما يتحملون ذنوبا كثيرة تجر إلى غضب الله وسخطه وأليم عقابه.

3 - ومما يجب اجتنابه والبعد عنه الخصلة الذميمة ألا وهي الحسد، وهي أن يتمنى الإنسان زوال النعمة عن أخيه في الله سبحانه، سواء أكانت نعمة دين أو دنيا. وهذا اعتراض على ما قضاه الله وقسمه بين عباده وتفضل به عليهم، وظلم من الحاسد لنفسه؛ فينقص إيمانه بذلك، ويجلب المصائب والهموم لنفسه، ويفتك بها فتكا ذريعا. قال سبحانه وتعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (?) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا تناجشوا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا (?)» رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والحسد؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب (?)» رواه أبو داود.

4 - كما أنه ينبغي الابتعاد عن الظلم وهو الجور ووضع الشيء في غير موضعه الشرعي، وأكبره الشرك بالله سبحانه وتعالى ومبارزته بالمخالفة والمعصية، قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (?)، وقال عز وجل: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (?) وكذا أخذ مال الغير بغير حق، أو اغتصاب شيء من أرضه أو الاعتداء عليه. وهو أيضا كبيرة من الكبائر، ومعصية لله، وهو والعياذ بالله ناشئ عن ظلمة في القلب؛ لأنه لو استنار قلبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015