أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من البول (?)». الحديث. ومعنى لا يستتر من البول، أي لا يتنزه منه كما جاء ذلك في رواية أخرى. فعذبا في قبريهما بهاتين المعصيتين، وهذا عذاب معجل.

وهذا الحديث يبين لنا أن أمر المعاصي خطير، وأن الواجب على المؤمن أن يستقيم على دين الله، قولا وعملا وعقيدة، وأن يحافظ على ما أوجب الله عليه، وأن يحذر ما نهى الله عنه سبحانه وتعالى، وأن يؤمن بكل ما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما يتعلق بأحوال القبر، وأحوال الناس في قبورهم، فالقبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار. والميت أول ما يوضع في قبره يسأله ملكان عن ربه، وعن دينه وعن نبيه. فالمؤمن يثبته الله فيقول: ربي الله، والإسلام ديني، ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيي، لأنه كان ثابتا في الدنيا على الحق، قبل أن يموت، فكان بصيرا بدينه، ثابتا عليه، فلهذا يثبته الله في القبر، وأما الكافر والمنافق إذا سئل فإنه يقول: هاه هاه، لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الإنسان ولو سمعه الإنسان لصعق. وهكذا يحاسبهم الله، ويجازيهم بأعمالهم.

فالناس يبعثون ويجازون بأعمالهم بعد قيام الساعة، وقد دل الكتاب والسنة على أن إسرافيل عليه السلام، ينفخ في الصور، فيموت الناس الموجودون، ثم ينفخ فيه نفخة أخرى بعد ذلك، فيبعثهم الله، ويقومون من قبورهم، ومن كل مكان من البحار وغيرها، ويجمعهم الله ويجازيهم بأعمالهم، إن خيرا فخير وإن شرا فشر. هذا حق لا ريب فيه، فلا بد من الإيمان بهذا كله، والإعداد له العدة الصالحة، بتوحيد الله وطاعته، واتباع شريعته، والحذر من معصيته سبحانه وتعالى ثم بعد هذا المحشر والقيام بين يدي رب العالمين، ومجازاة الناس بأعمالهم، جنهم وإنسهم ينصب الله الموازين، ويزن بها أعمال العباد، فهذا يرجح ميزانه وهو السعيد، وهذا يخف ميزانه وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015