اشتملت على معان عظيمة في جملتها التواصي بالحق وهو التعاون على البر والتقوى، والرابحون السعداء في كل زمان وفي كل مكان هم الذين حققوا هذه الصفات الأربع التي دلت عليها هذه السورة، وهم الناجون من جميع أنواع الخسران. فينبغي لكل مسلم أن يحققها وأن يلزمها وأن يدعو إليها وهي الإيمان بالله ورسوله إيمانا صادقا يتضمن الإخلاص لله في العبادة وتصديق أخباره سبحانه، ويتضمن الشهادة له بالوحدانية ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وتصديق أخباره عليه الصلاة والسلام كما يتضمن العمل الصالح. فإن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية عند أهل السنة والجماعة - فالإيمان الصادق يتضمن قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح، وعمل القلب بمحبة الله والإخلاص له وخوفه ورجائه والشوق إليه ومحبة الخير للمسلمين مثل دعائهم إليه كما يتضمن العمل الصالح بالجوارح وهو قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعاصي كما تقدم - ثم يتضمن أمرا ثالثا وهو التواصي بالحق وهو داخل في العمل الصالح، وداخل في الإيمان، ولكن نبه الله عليه فأفرده بالذكر بيانا لعظم شأنه فإن التواصي له شأن عظيم وهو التعاون على البر والتقوى والتناصح في الله وإرشاد العباد إلى ما ينفعهم ونهيهم عما يضرهم، وكذا يدخل في الإيمان أيضا. الأمر الرابع وهو التواصي بالصبر فاشتملت هذه السورة العظيمة على جميع أنواع الخير وأصوله وأسباب السعادة. . فالتعاون على البر والتقوى معناه التعاون على تحقيق الإيمان قولا وعملا وعقيدة فالبر والتقوى عند اقترانهما يدلان على أداء الفرائض وترك المحارم، فالبر هو أداء الفرائض واكتساب الخير والمسارعة إليه وتحقيقه والتقوى ترك المحارم ونبذ الشر وعند إفراد أحدهما عن الآخر يشمل الدين كله. فالبر عند الإطلاق هو الدين كله والتقوى عند الإطلاق هي الدين كله كما قال عز وجل: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (?) إلى قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (?) وقال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} (?) - والتعاون على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015