ولهذا أودع الله تعالى في الإنسان فطرة حب البقاء، والحفاظ على النوع وبقاء الأثر بالزواج والنسل " وهو دافع بلغ من القوة، أن كل مخلوق يبذل أقصى تضحية في سبيل هذا الغرض " (?)، وما الميل والتجاذب بين نوعي الجنس الإنساني وغيرهما إلا سر من أسرار الله تعالى في خلقه لتحقيق هذا الهدف، قال تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} (?)، قال ابن عباس: هو الولد، وقاله مجاهد والحكم وعكرمة والحسن البصري والسدي والضحاك (?).

وقد اقتضت إرادة الله تعالى، ألا يتساوى الإنسان مع الحيوان في كيفية تكاثر النوع، مع تساويهما في أصوله، وأن يضع له طريقا في التكاثر تتلاءم مع الشرف والتكريم اللذين منحهما الله على سائر مخلوقاته، فشرع الله له الزواج القائم على اختصاص الفروج والأرحام، وامتياز النفوس والأجسام، والحياطة بالشرف والأخلاق، باعتباره أفضل وسيلة لإنجاب الأبناء، واتصال الذرية، وتكاثر النوع، وامتداد الحياة الإنسانية على هذه الأرض، حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها. قال ابن الجوزي: " تأملت في فوائد النكاح ومعانيه وموضوعه، فرأيت أن الأصل الأكبر في وضعه وجود النسل " (?). وقال ابن قدامة: " وفي النكاح فوائد منها: الولد، لأن المقصود بقاء النسل. . ليبقى جنس الإنسان " (?). وقال الشاطبي: " النكاح مشروع للتناسل بالقصد الأول " (?). وقال ابن القيم في الزواج: " وضع في الأصل لثلاثة أمور هي مقاصده الأصلية، أحدها: حفظ النسل ودوام النوع إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها إلى هذا العالم " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015