ثانيا:
أن أمر إثبات الراجح من أقوال أهل العلم وتدوين ذلك في كتاب وتعميمه على المحاكم الشرعية للعمل بمقتضاه ليس أمرا محدثا وإنما كانت الفكرة موضع إثارة وبحث الجهات المعنية بالمرافق القضائية وذلك منذ أكثر من عشرة قرون، وقد أوردت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء في بحثها الموضوع فصلا تاريخيا للفكرة وكيف أنها برزت من حيز التفكير إلى نطاق العمل بعد أن تكاثرت الأسباب الملحة في الأخذ بها فنجتزئ بذلك وتكتفي بإيراد حلقة تاريخية للفكرة لم تشر إليها اللجنة في بحثها. ذلك أن جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله وغفر له، أراد أن يحمل القضاة على الأخذ بأحكام مختارة يجري تدوينها، ثم تعميمها على المحاكم فقد جاء في افتتاحية أم القرى في عددها الصادر بتاريخ 28/ 2 / 46 هـ ما نصه:
إن جلالة الملك - حفظه الله - يفكر في وضع مجلة للأحكام الشرعية يعهد إلى لجنة من خيار علماء المسلمين الاختصاصيين استنباطها من كتب المذاهب الأربعة المعتبرة. وهذه المجلة ستكون مشابهة لمجلة الأحكام التي كانت الحكومة العثمانية وضعتها عام 1293 هـ، ولكنها تختلف عنها بأمور أهمها عدم التقيد حين الاستنباط بمذهب دون آخر بل تأخذ ما تراه في صالح المسلمين من أقوى المذاهب حجة ودليلا من الكتاب والسنة. وجاء فيها ما نصه:
فأصدر أمره إلى هيئة المراقبة القضائية بالشروع في عملها على الطريقة التالية: -