أحمد الله وأصلي وأسلم على رسوله، وأسأل الله أن يهدينا جميعا سواء السبيل.
وبعد: فمما لا شك فيه أن هذا الأمر الذي نبحثه أمر خطير وله شأن كبير، وآمل أن تنظره هذه الهيئة نظرة فاحصة مبنية على ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت أعلاهما، وتحصيل أعلى المصلحتين بتفويت أدناهما، وقد ظهر لي من إثارة هذا البحث ومما سمعته من كلام بعض من حضره، أن هناك اتجاها لتدوين الأحكام الشرعية على شكل مواد، وأخشى أنه إذا رفضت هذه الهيئة الإشراف على هذا الأمر أو وضع بديل عنه، أن يسند إلى غيرها فتحصل مفسدة أكثر، وفي نظري أنه لو تولى هذا الأمر أهل العلم بالشريعة وأخذوا بزمامه واشترطوا إشرافهم عليه وقيدوه بالقيود الشرعية أو اقترحوا له بديلا لكان ذلك أصلح وأكثر محافظة على تحكيم الشريعة في كل شيء، وبناء على ما تقدم، وعلى ما هو معلوم لدى الجميع من ضعف المستوى العلمي لدى كثير من القضاة بحيث لا يمكن اعتبارهم من أهل الاجتهاد والترجيح مع وجود قضايا كثيرة جدت في هذا الزمن، وهي غير منصوص عليها في كتب المذهب بالإضافة إلى وجود اختلاف الأحكام في كثير من المسائل المتساوية من أجل ترجيح قول على قول أو رواية في المذهب على أخرى لا من أجل اختلاف وقائع القضية أو ملابساتها، فإنني أرى أن تبحث من قبل هذه الهيئة في دوراتها القادمة المسائل التي فيها الخلاف المشهور، مع المسائل المستجدة، وتقرر فيها ما تراه راجحا بالدليل ويعمم على المحاكم للعمل به ويترك ما عدا ذلك على ما هو عليه من الحكم بالراجح في مذهب الإمام أحمد - رحمه الله - ويؤكد على