ثانيا: تقليل المحاكم وتركيزها في المدن وعواصم المناطق مثلا، ويكتفى بتعيين متعلمين في القرى ليقوموا بشئون المساجد وعقود الأنكحة والوعظ والإرشاد، وكتابة الوثائق ونحو ذلك، ويساعد على هذا سهولة المواصلات اليوم ووجود مرافق في المدن يرتفق بها الغريب، ويستريح فيها - ولو أقام أياما - وهذا مما يسهل على القضاة في المدن الاجتماع للاشتراك في دراسة القضايا وهضمها، ويمنع من رفع قضايا تافهة لأقل الأسباب، ويدعو إلى الصلح في كثير من القضايا، وهو خير من التقاضي واستمرار النزاع حتى يفصل في الخصومة.

ثالثا: حسن اختيار القضاة بمراعاة ما تحلوا به من قوة في العلم ورجاحة عقل وحلم وأناة، وبعد نظر وصدق وأمانة، وبعد عن مظان الريبة، إلى غير ذلك من الصفات الكريمة التي ينبغي أن تتوفر فيمن يولى هذا المنصب، ومما يساعد على سهولة حسن الاختيار ما تقدم من تركيز المحاكم.

رابعا: مراعاة أحوال القضاة في توزيع القضايا عليهم، أو تخصيص كل منهم بنوع منها والاشتراك في القضايا المهمة والتشاور فيما فيه التباس، وهذا يتيسر إذا تم تركيز المحاكم في المدن، وعواصم المناطق.

خامسا: تأليف لجنة من العلماء لبحث المسائل القضائية المعضلة، وإيضاح غامضها وحل مشكلها من جهة تحقيق الحكم فيها، ومن جهة توضيح تطبيقها بأمثلة وخاصة القضايا التي جدت في عصرنا، وليس هذا لإلزام القضاة بما انتهى إليه البحث، بل ليكون عونا لهم في القيام بمهمتهم إن اقتنعوا به، وليكون نموذجا لهم في دراسة القضايا وحل مشكلها والدقة في تطبيقها، وبهذا تضيق شقة الخلاف وتتحقق الدقة في الأحكام إن شاء الله. أما ارتفاع أصل الخلاف فلا سبيل إليه، ولو توحد المرجع العلمي للقضاة باختيار الأقوال الراجحة؛ لما تقدم بيانه من اختلاف الناس في المدارك والأفهام واختلاف أحوال القضايا وما يحيط بها من قرائن وأمارات، فبذلك تختلف أفهامهم للمادة العلمية ويختلف تطبيقهم لما فهموه على ما رفع إليهم من الخصومات.

من هذا يتبين أنه قد لا يكون هناك حل آخر لهذه المشكلة سوى الإلزام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015