فيكون عرضة لكثرة الخطأ والتناقض في أحكامه، ويكفيه أن يتحمل مشقة البحث في تشخيص القضايا وعناء تطبيق ما اختاره كبار العلماء من الأقوال على الوقائع والقضايا الجزئية بعد تحقيقها.
ب- وأما السنة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه في شئونه وشئون الأمة، من ذلك أنه استشار الصحابة في أمر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كما هو معروف في قصة الإفك، ومنها استشارته إياهم في غزواته في غزوة بدر، وأحد، والأحزاب، وغيرها مما لا يكاد ينكره أحد، وعمل بمشورة أصحابه رجالا ونساء، فعمل بمشورة سلمان في حفر الخندق، وبمشورة أم سلمة حينما دخل عليها في صلح الحديبية مغضبا، وقد أمر أصحابه أن ينحروا هديهم ويتحللوا من إحرامهم فلم يفعلوا فأشارت عليه أن يبدأ في ذلك بنفسه فقبل مشورتها، وكان في قبولها الخير، إلى غير هذا من الاستشارات والمشورات الكثيرة التي تواتر معناها، ومنها فيما ذكروا ما جاء في الأثر: إن الأمر ينزل بنا يا رسول الله وليس فيه نص من كتاب ولا سنة، فقال: «اجمعوا له العالمين ولا تقضوا فيه برأي واحد» فثبت بهذا أن الشورى أصل شرعي فيجب على العلماء وضع كتاب فقهي مشتمل على الأقوال الراجحة ليسهل على الجميع معرفة الأحكام منه، وبالتالي يلزم القضاة الحكم بمقتضاه تفاديا لمفاسد الاختلاف وقضاء على التناقض في الأحكام، وإلا تعطلت الشورى واستشرى الفساد، وتفاقم التناقض.
ونوقش بأن الشورى مشروعة باتفاق، وعليها قامت الأدلة من الكتاب والسنة وعمل خير القرون من هذه الأمة، لكنها غير ملزمة لمن استشار إلا إذا وافق اجتهاده اجتهاد من أشار عليه واقتنع به، ولا يصح أن يلزم بما أشير به عليه من آراء خالفت اجتهاده وإن كان فردا والمشيرون عليه كثرة؛ لأن الحق ليس وقفا على الكثرة، وليست الكثرة ميزانا يفرق به بين الحق والباطل. وأيضا الصحابة كانوا أحرص الناس على الشورى