يختلفوا؛ لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالا، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا ورجل بقول هذا كان في الأمر سعة، وكذلك قال غير مالك من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه، ولهذا قال العلماء المصنفون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصحاب الشافعي وغيره: إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه.
ونظائر هذه المسائل كثيرة- وبعد أن ذكر أمثلة كثيرة لهذا من المعاملات قال- ولو منع الناس مثل هذه المعاملات لتعطل كثير من مصالحهم التي لا يتم دينهم ولا دنياهم إلا بها، ولهذا كان أبو حنيفة يفتي بأن المزارعة لا تجوز ثم يفرع على القول بجوازها ويقول: إن الناس لا يأخذون بقولي في المنع، ولهذا صار صاحباه إلى القول بجوازها كما اختار ذلك من اختاره من أصحاب الشافعي وغيره.
5 - وقال عنه البعلي أيضا (?): ومن أوجب تقليد إمام بعينه استتيب، فإن تاب وإلا قتل، وإن قال ينبغي كان جاهلا ضالا، ومن كان متبعا الإمام فخالفه في بعض المسائل لقوة الدليل أو لكون أحدهما أعلم أو أتقى فقد أحسن (وقال أبو العباس) في موضع آخر: بل يجب عليه، وإن أحمد نص عليه ولم يقدح ذلك في عدالته بلا نزاع.
6 - وقال أيضا في جواب ورقة أرسلت إليه في السجن في رمضان سنة ست وسبعمائة في الفصل الذي عقده لإحالة الحكم في قضيته إلى الحاكم قال: (?) أنا لم يدع علي دعوى يختص بها الحاكم من الحدود والحقوق