الافتتاحية
العلم وأخلاق أهله
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله إلى يوم الدين. . أما بعد:
فإن العلم معلوم لدى الجميع فضله، وأن أشرف شيء يطلبه الطالبون، ويسعى في تحصيله الراغبون، هو العلم الشرعي. فإن العلم يطلق على أشياء كثيرة، ولكن عند علماء الإسلام: المراد بالعلم هو العلم الشرعي، وهو المراد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عند الإطلاق، وهو العلم بالله وبأسمائه وصفاته، والعلم بحقه على عباده، وبما شرعه لهم سبحانه وتعالى.
والعلم بالطريق والصراط الموصل إليه وتفاصيله، والعلم بالغاية والنهاية التي ينتهي إليها العباد في الدار الأخرى.
هذا العلم الشرعي هو أفضل العلوم، وهو الجدير بالطلب والحرص على تحصيله؛ لأنه به يعرف الله سبحانه وتعالى، وبه يعبد. وبهذا العلم يعرف ما أحل الله وما حرم، وما يرضيه وما يسخطه. وبهذا العلم يعرف المصير إليه والنهاية من هذه الحياة، وأن قسما من هؤلاء المكلفين ينتهون إلى الجنة والسعادة، وأن الآخرين - وهم الأكثرون - ينتهون إلى دار الهوان والشقاء.
وقد نبه أهل العلم على هذا وبينوا أن العلم ينحصر في هذا المعنى، وممن نبه عليه؛ القاضي ابن أبي العز شارح الطحاوية في أول شرحه، ونبه عليه غيره كابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة آخرين.