أبي سلمة فمتصل، إلا أن كلا الخبرين ليس فيهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرته هي ولا غيرها بذلك، إنما السند الصحيح الذي فيه أنه - عليه الصلاة والسلام - سأل عن كمية طلاقها؟ وأنها أخبرته فهي التي قدمنا أولا، وعلى ذلك الإجمال جاء حكمه - عليه الصلاة والسلام - وكذلك كل لفظ روي به خبر فاطمة من (أبت طلاقها) و (طلقها البتة) و (طلقها طلاقا باتا) و (طلاقا بائنا) فليس في شيء منه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف عليه أصلا فسقط كل ذلك وثبت حكمه - عليه الصلاة والسلام - على ما صح أنه، أخبر به من أنه طلقها ثلاثا فقط.

وأما الصحابة - رضي الله عنهم - فإن الثابت عن عمر - رضي الله عنه - الذي لا يثبت عنه غيره، ما رويناه من طريق عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، نا زيد بن وهب: أنه رفع إلى عمر بن الخطاب برجل طلق امرأته ألفا فقال له عمر: أطلقت امرأتك؟ فقال: إنما كنت ألعب، فعلاه عمر بالدرة، وقال: إنما يكفيك من ذلك ثلاث، فإنما ضربه عمر على الزيادة على الثلاث، وأحسن عمر في ذلك، وأعلمه أن الثلاث تكفي ولم ينكرها.

ومن طريق وكيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال: إني طلقت امرأتي ألفا، فقال له علي: بانت منك بثلاث، وأقسم سائرهن بين نسائك، فلم ينكر جمع الثلاث.

ومن طريق وكيع، عن جعفر بن برقان، عن معاوية بن أبي يحيى قال: جاء رجل إلى عثمان بن عفان فقال: طلقت امرأتي ألفا، فقال: بانت منك بثلاث. . . فلم ينكر الثلاث.

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير قال: قال رجل لابن عباس: طلقت امرأتي ألفا، فقال له ابن عباس: ثلاث تحرمها عليك، وبقيتها عليك وزرا، اتخذت آيات الله هزوا، فلم ينكر الثلاث، وأنكر ما زاد.

والذي جاء عنه من قوله لمن طلق ثلاثا ثم ندم: لو اتقيت الله لجعل لك مخرجا، وهو على ظاهره، نعم إن اتقى الله جعل له مخرجا، وليس فيه أن طلاقه الثلاث معصية.

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر، عن الأعمش، عن إبراهيم عن علقمة قال: جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: إني طلقت امرأتي تسعة وتسعين، فقال له ابن مسعود: ثلاث تبينها، وسائرها عدوان.

وهذان خبران في غاية الصحة، لم ينكر ابن مسعود وابن عباس الثلاث مجموعه أصلا، وإنما أنكر الزيادة على الثلاث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015