المذهب المالكي
أما المذهب المالكي فهذه بعض نقول عنه:
قال سحنون وقال محمد بن أحمد بن رشد: قلت لعبد الرحمن بن القاسم: هل كان مالك يكره أن يطلق الرجل امرأته ثلاث تطليقات في مجلس واحد، قال: نعم؟ كان يكرهه أشد الكراهية، وكذلك لا يجوز عند مالك أن يطلقها ثلاثا في كلمة واحدة فإن فعل لزمه ذلك بدليل قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} (?) قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (?) وهي الرجعة فجعلها فائتة بإيقاع الثلاث في كلمة واحدة، إذ لو لم يقع ولم يلزمه لم تفته الزوجة ولا كان ظالما لنفسه، انتهى المقصود.
وقال الباجي: فأما العدد فإنه لا يحل أن يوقع أكثر من طلقة واحدة، فمن أوقع طلقتين أو ثلاثا فقد طلق بغير سنة. . والدليل على ما نقوله قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (?) ولا يخلو أن يكون أمرا بصفة الطلاق والأمر يقتضي الوجوب أو يكون إخبارا عن صفة الطلاق الشرعي، ومن أصحابنا من قال: إن - الألف واللام تكون للحصر، وهذا يقتضي أن لا يكون الطلاق الشرعي على غير هذا الوجه.
فإن قيل: المراد بذلك الإخبار عن أن الطلاق الرجعي طلقتان، وأن ما زاد عليه ليس برجعي، قالوا: يدل على ذلك، أنه قال بعد ذلك: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (?) ثم أفرد الطلقة الثالثة لما لم تكن رجعية وفارق حكم الطلقتين فقال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (?)