يحفى على مثله رحمه الله، وهذا كله إذا لم يحكم بذلك فإنه يرتفع الخلاف ويلزم العمل بشهادة المذكورة إجماعا كما ذكر ذلك العلامة أبو زكريا يحيى النووي في شرح المهذب ج / 6ص313 بعدما ذكر أسباب اختلاف أبصار الناس في الرؤية وهذا نص كلامه: ولهذا لو شهد برؤيته اثنان أو واحد وحكم به حاكم لم ينقض بالإجماع ووجب الصوم بالإجماع ولو كان مستحيلا لم ينفذ حكمه ووجب نقضه. ثم قال ابن محمود بعد كلام سبق ما نصه: يا معشر العلماء الكرام ويا معشر قضاة شرع الإسلام لقد وقعنا في صومنا وفطرنا في الخطأ المنكر كل عام اهـ. ولا يخفى ما في هذا الكلام من الخطأ العظيم والجرأة على القول بخلاف الحق فأين له تكرر الخطأ في كل عام في الصوم والإفطار والقضاة يحكمون في ذلك بما دلت عليه الأحاديث الصحيحة وأجمع عليه أهل العلم كما سبق بيانه.
ثم قال ابن محمود بعد كلام سبق: فمتى طلع يعني الهلال قبل طلوع الشمس من جهة المشرق فإنه يغيب قبلها فلا يراه أحد أو طلع مع الشمس فإنه يغيب معها ولا يراه أحد لشدة ضوء الشمس. اهـ. وهذا خطأ بين فقد ثبت بشهادة العدول أنه قد يرى قبل الشمس في صبيحة يوم التاسع والعشرين من المشرق ثم يرى بعد غروبها من المغرب ذلك اليوم لأن سير القمر غير سير الشمس فكل واحد يسبح في فلكه الخاص به كما يشاء الله عز وجل. وأما الآية التي استدل بها على ما ذكره من عدم إمكان رؤيته بعد الغروب إذا كان قد رئي صباح ذلك اليوم قبل طلوع الشمس وهي قوله تعالى في الآية (40) من سورة يس: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (?) فلا حجة له في ذلك؛ لأن علماء التفسير أوضحوا معنى الإدراك المذكور وأنه لا سلطان للشمس في وقت سلطان القمر ولا سلطان للقمر في وقت سلطان الشمس.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ما نصه: قال مجاهد: لكل منهما حد لا يعدوه ولا يقصر دونه إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا، وإذا ذهب سلطان هذا جاء هذا إلى أن قال: وقال الثوري عن إسماعيل بن خالد عن أبي صالح لا يدرك هذا ضوء هذا ولا هذا