ومن المعلوم أنه لا يتم أمر العباد فيما بينهم، ولا تنتظم مصالحهم ولا تجتمع كلمتهم ولا يهابهم عدوهم إلا بالتضامن الإسلامي الذي حقيقته التعاون على البر والتقوى والتكافل والتناصر والتعاطف والتناصح والتواصي بالحق والصبر عليه. ولا شك أن هذا من أهم الواجبات الإسلامية والفرائض اللازمة وقد نصت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على أن التضامن الإسلامي بين المسلمين أفرادا وجماعات حكومات وشعوبا من أهم المهمات ومن الواجبات التي لا بد منها لصلاح الجميع وإقامة دينهم وحل مشاكلهم وتوحيد صفوفهم وجمع كلمتهم ضد عدوهم المشترك، والنصوص الواردة في هذا الباب من الآيات والأحاديث كثيرة جدا، وهي وإن لم ترد بلفظ التضامن فقد وردت بمعناه وما يدل عليه عند أهل العلم، والأشياء بحقائقها ومعانيها لا بألفاظها المجردة، فالتضامن معناه التعاون والتكاتف والتكافل والتناصر والتناصح والتواصي وما أدى هذا المعنى من الألفاظ، يدخل في ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله سبحانه وإرشاد الناس إلى أسباب السعادة والنجاة وما فيه صلاح أمر الدنيا والآخرة.
ويدخل في ذلك أيضا تعليم الجاهل وإغاثة الملهوف، ونصر المظلوم ورد الظالم عن ظلمه، وإقامة الحدود وحفظ الأمن والأخذ على أيدي المفسدين المخربين، وحماية الطرق بين المسلمين داخلا وخارجا، وتوفير المواصلات البرية والبحرية والجوية والاتصالات السلكية واللاسلكية بينهم لتحقيق المصالح المشتركة الدينية والدنيوية، وتسهيل التعاون بين المسلمين في كل ما يحفظ الحق ويقيم العدل وينشر الأمن والسلام في كل مكان. ويدخل في التضامن أيضا الإصلاح بين المسلمين وحل النزاع المسلح بينهم وقتال الطائفة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله عملا بقول الله عز وجل: {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (?)