على ما قدمنا وقد مضى تمثيله في آية الزواني المنسوخة بالجلد المجمع عليه في سورة النور كلاهما باق متلو كله.

الثالث: ما فرض العمل به لعلة ثم زال العمل به لزوال تلك العلة وبقي متلوا ثابتا في المصحف نحو قوله {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} (?) الآية وقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} (?) {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} (?) وقوله: {فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} (?) أمروا بذلك كله وفرض عليهم بسبب المهادنة التي كانت بين النبي - عليه الصلاة والسلام- وبين قريش في سنة ست في غزاة الحديبية إذ صدوه عن البيت فلما ذهبت المهادنة وزال وقتها سقط العمل بذلك كله وبقي اللفظ متلوا وثابتا في المصحف الرابع: ما رفع الله رسمه وحكمه وزال حفظه من القلوب. وهذا النوع إنما يؤخذ بأخبار الآحاد وذلك نحو ما روى عاصم ابن بهدلة المقري - وكان ثقة مأمونا- عن زر أنه قال: قال لي أبي: يا زر إن كانت سورة الأحزاب لتعدل سورة البقرة. ومنه ما روي عن أبي موسى الأشعري أنه قال: نزلت سورة نحو سورة براءة ثم رفعت وذكر أنه حفظ منها شيء. يقول مكي: أضربت أنا عن ذكره؛ لأن القرآن لا يؤخذ بالأخبار وقد ذكر من نحو هذا أشياء كثيرة اخترت أنا الإضراب عن نصها إشفاقا والله أعلم بذلك كله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015