وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد فعلوا ما هو بدعة، ولم يعلموا أنه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها.
والمقصود هنا أن الرسول بين جميع الدين بالكتاب والسنة وأن الإجماع - إجماع الأمة - حق، فإنها لا تجتمع على ضلالة وكذلك القياس الصحيح حق يوافق الكتاب والسنة.
والآية المشهورة التي نستدل بها على الإجماع قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} (?)
ومن الناس من يقول: إنها لا تدل على مورد النزاع.
وآخرون يقولون بل تدل على اتباع المؤمنين مطلقا، وتكلفوا لذلك ما تكلفوه.
والقول الثالث الوسط أنها تدل على وجوب اتباع سبيل المؤمنين مع تحريم مشاقة الرسول من بعد ما تبين له الهدى.
فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس.
فثبت أن بعض المجتهدين قد يفتي بعموم أو قياس ويكون في الحادثة نص خاص لم يعلمه.
فلما تنازعوا في (الحرام) احتج من جعله يمينا بقوله تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (?) {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (?)
وكذلك لما تنازعوا في المبتوتة: هل لها نفقة أو سكنى؟ (?).
احتج هؤلاء بحديث فاطمة، وبأن السكنى التي في القرآن للرجعية.
وأولئك قالوا: بل هي لهما.