وأما السنة فعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين، إما أن يأخذوا العقل أو أن يقتلوا (?)». فجعل -عليه الصلاة والسلام- الخيرة لأهل القتيل بين العقل والقصاص في كل قتل غيلة كان أم غير غيلة.
ونوقش بما تقدم من وجود مخصص لعمومه، وسيأتي مناقشة المخصص إن شاء الله.
وأما الإجماع فما رواه أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أتي برجل قد قتل عمدا فأمر بقتله بعد عفو فقال ابن مسعود رضي الله عنه: كانت لهم النفس فلما عفا هذا أحيا النفس، فلا يستطيع أن يأخذ حقه حتى يأخذ غيره. قال: فما ترى؟ قال: أرى أن تجعل الدية عليه في ماله، وترفع حصة الذي عفا. فقال عمر: وأنا أرى ذلك. فأجاز عمر وابن مسعود العفو من أحد الأولياء، ولم يسألا أقتل غيلة كان ذلك أم غيره، ولم يعرف لهما في ذلك مخالف فكان إجماعا.
ونوقش بأنه منقطع، لأن إبراهيم- هو ابن يزيد النخعي ولد سنة 50 هـ وعمر مات سنة 23 هـ، وعليه فما ادعى من الإجماع غير صحيح، لأنه سكوتي لا قولي ولا عملي، والسكوتي هنا فرع ثبوت القضية وهي لم تثبت.
ويمكن أن يناقش أيضا بأن عدم الاستفسار بناء على أن الأصل عموم القصاص في كل قتل عمد عدوان.
وأيضا ما روى عبد الرزاق عن سماك بن الفضل أن عروة كتب إلى عمر بن عبد العزيز في رجل خنق صبيا على أوضاح له حتى قتله، فوجدوه والحبل في يده، فاعترف بذلك، فكتب أن ادفعوه لأولياء الصبي فإن شاءوا قتلوه. ولم يسأل عمر عن صفة القتل أهو غيلة أم لا، ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعا.
ونوقش بأن فيه عنعنة عبد الرزاق بن همام، وهو مدلس. ونوقش الأثران بأن كل منهما واقعة عين لا عموم لها، ودعوى ترك السؤال مجرد احتمال