بعضهم ببعض، ثم لعنهم الله على لسان أنبيائهم داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (?)». وفي لفظ آخر: «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أن الرجل كان يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تفعل من المعاصي، ثم يلقاه في الغد فلا يمنعه ما رآه منه أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض ثم لعنهم (?)».
فعلينا أن نحذر من أن يصيبنا ما أصاب أولئك، وقد جاء في بعض الأحاديث أن إهمال هذا الواجب، وعدم العناية به، أعني واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب رد الدعاء وعدم النصر كما تقدم.
ولا شك أن هذه مصيبة عظيمة من عقوبات ترك هذا الواجب أن يخذل المسلمون وأن يتفرقوا وأن يسلط عليهم أعداؤهم، وأن لا يستجاب دعاؤهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقد يكون هذا الواجب فرض عين على بعض الناس، إذا رأى المنكر وليس عنده من يزيله غيره، فإنه يجب أن يزيله مع القدرة، لما سبق من قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (?)» خرجه مسلم في الصحيح.
أما إن كانوا جماعة، فإنه يكون في حقهم فرض كفاية في البلد أو القرية أو القبيلة، كسائر فروض الكفايات، وإذا لم يكن في البلد أو القبيلة إلا عالم واحد وجب عليه عينا أن يعلم الناس، ويدعوهم إلى الله، ويأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر حسب طاقته، لما تقدم من الأحاديث، ولقوله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (?)