أما الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لأغراض أخرى كرياء وسمعة أو خطر عاجل أو أسباب أخرى، أو يتخلفون عن فعل المعروف ويرتكبون المنكر، فهؤلاء من أخبث الناس ومن أسوئهم عاقبة.
وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه- أي: أمعاؤه - فيدور في النار كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع عليه أهل النار، فيقولون: ما لك يا فلان؟! ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟! قال: فيقول لهم: بلى ولكني كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه (?)».
هذه حال من خالف قوله فعله - نعوذ بالله - تسعر به النار، ويفضح على رءوس الأشهاد، يتفرج عليه أهل النار، ويتعجبون كيف يلقى في النار.
هذا ويدور في النار كما يدور الحمار بالرحى، وتندلق أقتاب بطنه، يسحبها، لماذا؟! لأنه كان يأمر بالمعروف ولا يأتيه، وينهى عن المنكر ويأتيه، فعلم بذلك أن المقصود الأمر بالمعروف مع فعله، والنهي عن المنكر مع تركه.
وهذا هو الواجب على كل مسلم، وهذا الواجب العظيم أوضح الله شأنه في كتابه الكريم ورغب فيه، وحذر من تركه، ولعن من تركه.
فالواجب على أهل الإسلام أن يعظموه وأن يبادروا إليه وأن يلتزموا به طاعة لربهم عز وجل وامتثالا لأمره، وحذرا من عقابه سبحانه وتعالى.
وقد جاءت سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تؤيد هذا الأمر وتبين ذلك أعظم بيان وتشرحه، فيقول المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (?)». خرجه الإمام مسلم في صحيحه.