{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (?) ولا نعلم السر في هذا التقديم إلا عظم شأن هذا الواجب وما يترتب عليه من المصالح العظيمة العامة، ولا سيما في هذا العصر، فإن حاجة المسلمين وضرورتهم إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شديدة؛ لظهور المعاصي وانتشار الشرك والبدع في غالب المعمورة، وقد كان المسلمون في عهده -صلى الله عليه وسلم- وعهد أصحابه وفي عهد السلف الصالح يعظمون هذا الواجب ويقومون به خير قيام، فالضرورة إليه بعد ذلك أشد وأعظم؛ لكثرة الجهل وقلة العلم وغفلة الكثير من الناس عن هذا الواجب العظيم.
وفي عصرنا هذا صار الأمر أشد والخطر أعظم؛ لانتشار الشرور والفساد، وكثرة دعاة الباطل وقلة دعاة الخير في غالب البلاد كما تقدم، ومن أجل هذا أمر الله سبحانه وتعالى به ورغب فيه، وقدمه في آية آل عمران على الإيمان، وهي قوله سبحانه وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (?) الآية - يعني أمة محمد - عليه الصلاة والسلام - فهي خير الأمم وأفضلها عند الله، كما في الحديث الصحيح، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أنتم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل (?)».
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موجود في الأمم السابقة، بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب. وأصل المعروف توحيد الله والإخلاص له، وأصل المنكر الشرك بالله وعبادة غيره.