(د) إن حديث عبادة محتمل للنسخ، وذلك ما ذكره السرخسي أثناء ذكره لتدرج حد الزنا، قال رحمه الله:
"وقد كان الحكم في الابتداء الحبس في البيوت والتعيير والأذى باللسان، كما قال تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} (?) وقال: {فَآذُوهُمَا} (?).
ثم انتسخ بحديث عبادة بن الصامت، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة (?)».
وقد كان هذا قبل نزول سورة "النور"، بدليل قوله: «خذوا عني (?)»، ولو كان بعد نزولها لقال: "خذوا عن الله تعالى"، ثم انتسخ ذلك بقوله تعالى: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (?) واستقر الحكم على الجلد في حق غير المحصن، والرجم في حق المحصن (?) ولكن ابن حجر قد رد هذه الدعوى بقوله:
واحتج بعضهم بأن حديث عبادة الذي فيه النفي منسوخ بآية النور، لأن فيها الجلد بغير نفي، وتعقب بأنه يحتاج إلى ثبوت التاريخ، وبأن العكس أقرب، فإن آية الجلد مطلقة في حق كل زان، فخص منها في حديث عبادة، الثيب، ولا يلزم من خلو آية النور عن النفي، عدم مشروعيته، كما لم يلزم من خلوها من الرجم ذلك.
ومن الحجج القوية أن قصة العسيف كانت بعد آية النور، لأنها كانت في قصة الإفك، وهي متقدمة على قصة العسيف؛ لأن أبا هريرة حضرها، وإنما هاجر بعد قصة الإفك بزمان (?).