ومعلوم أن كل مسلم يخشى الله، ولكن الخشية الكاملة إنما هي لأهل العلم، وعلى رأسهم الرسل - عليهم الصلاة والسلام -، ثم من يليهم من العلماء على طبقاتهم. فالعلماء هم ورثة الأنبياء، فالخشية لله حق، والخشية الكاملة إنما هي من أهل العلم بالله والبصيرة به وبأسمائه وصفاته، وعظيم حقه سبحانه وتعالى، وأرفع الناس في ذلك هم الرسل والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، ثم يليهم أهل العلم على اختلاف طبقاتهم في عملهم بالله ودينه.
والجدير بالعالم أينما كان، وبطالب العلم، أن يعنى بهذا الأمر، وأن يخشى الله، وأن يراقبه في كل أموره، في طلبه للعلم، وفي عمله بالعلم، وفي نشره للعلم، وفي كل ما يلزمه من حق الله، وحق عباده.
وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين في حديث معاوية - رضي الله عنه -، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (?)».
وهذا الحديث العظيم له شواهد أخرى، عن عدة من الصحابة - رضي الله عنهم -، وهو يدل على أن من علامات الخير ودلائل السعادة، أن يفقه العبد في دين الله، وكل طالب مخلص في أي جامعة أو معهد علمي أو غيرهما، إنما يريد هذا الفقه ويطلبه، وينشده. . . فنسأل الله لهم في ذلك التوفيق والهداية وبلوغ الغاية.
ومن أعرض عن الفقه في الدين، فذلك من العلامات على أن الله ما أراد به الخير، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يقول - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الشيخان عن أبي موسى - رضي الله عنه -: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا، فكانت منها طائفة طيبة، قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ، فذلك مثل