كما امتنع عن قبول هدية ابن الجروي ومقدارها ثلاثة آلاف دينار، مع الإلحاح الشديد (?).

قلت: وهذا من تمام توكل الإمام أحمد رحمه الله على الخالق الرازق عز وجل، حيث سئل الإمام أحمد عن التوكل فقال: "قطع الاستشراف بالإياس من الخلق". فقيل له: فما الحجة فيه؟ قال: "قول إبراهيم - عليه السلام - لما وضع في المنجنيق ثم طرح في النار، اعترض له جبريل - عليه السلام - فقال: هل من حاجة؟ فقال: أما إليك فلا. قال: فسل من لك إليه حاجة. فقال: أحب الأمرين إلي أحبهما إليه" (?).

وقد وصف زهد الإمام أحمد جمع من معاصريه، من شيوخه وأقرانه وتلاميذه. فمن ذلك: قال يحيى الشامي: " ما رأيت أحدا أجمع لكل خير من أحمد، وقد رأيت سفيان بن عيينة ووكيعا وعدة من العلماء. فما رأيت مثل أحمد في: علمه، وفقهه، وزهده، وورعه " (?).

وقال يحيى بن معين: " كان في أحمد خصال ما رأيتها في عالم قط، كان محدثا، وكان حافظا، وكان عالما، وكان ورعا، وكان زاهدا، وكان عاقلا " (?).

ومن أجمل ما رأيت في وصف زهد الإمام أحمد قول تلميذه: سليمان بن الأشعث السجستاني - صاحب السنن -: " لقيت مائتين من مشايخ العلم، فما رأيت مثل أحمد بن حنبل، لم يكن يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا. فإذا ذكر العلم تكلم " (?).

وقال أبو داود أيضا: "كانت مجالسة أحمد بن حنبل مجالسة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015