زهد الإمام أحمد:

عندما تدبر الدنيا عن الإنسان، ويدعى الزهد فيها، فهو وإن كان صادقا في زهده هذا، إلا أن هذا الزهد سهل المنال.

أما حينما تقبل الدنيا بخيلها ورجلها، وتقف بين يدي الإنسان ثم يزهد فيها، فلا شك أن هذا هو الزهد الحقيقي، الذي تتضاغر عنده النفوس، ولا يطيقه إلا القلة الصابرة المحتسبة، الناظرة لنعيم الآخرة، المعرضة عن نعيم الدنيا.

والإمام أحمد رحمه الله تعالى من النوع الثاني، وصدق ابن النحاس حينما قال في الإمام أحمد بن حنبل: " رحمه الله، عن الدنيا ما كان أصبره، وبالماضين ما كان أشبهه، وبالصالحين ما كان ألحقه. عرضت له الدنيا فأباها، والبدع فنفاها " (?).

قال ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى على قول ابن النحاس: " وهذه حال أئمة المتقين، الذين وصفهم الله في كتابه بقوله: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (?) (سورة السجدة آية 24).

فبالصبر تترك الشهوات، وباليقين تدفع الشبهات، قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (?) (سورة العصر آية 3). وقوله تعالى:

{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} (?) (سورة ص آية 45) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015