ملك الحبس لم يكن محبوسا على الدوام فلم يكن مرهونا.
الثالث: أن الله تعالى لما سمى العين التي ورد العقد عليها رهنا، وأنه نهى عن الحبس لغة كان ما دل عليه اللفظ لغة حكما لا شرعا؛ لأن للأسماء الشرعية دلالات على أحكامها كلفظ الطلاق والعتاق والحوالة والكفالة ونحوها.
وأما السنة: فقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يغلق الرهن من صاحبه (?)» الحديث وجه الدلالة أن قوله: «لا يغلق (?)» معناه لا يملك بالدين، كذا قال أهل اللغة؛ غلق الرهن: أي ملك بالدين، وهذا كان حكما جاهليا فرده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وأما المعنى: فإن الرهن شرع وثيقة بالدين فيلزم أن يكون حكمه ما يقع به التوثيق للدين كالكفالة، وإنما يحصل التوثيق إذا كان يملك حبسه على الدوام؛ لأنه يمنعه عن الانتفاع فيحمله ذلك على قضاء الدين في أسرع الأوقات. وـ ضمان الرهن إذا هلك بنفسه: إذا هلك الرهن بنفسه بيد المرتهن فعليه الضمان عند قوم وعدمه عند آخرين، والتفرقة بين ما يغاب عليه وما لا يغاب عليه. وفيما يلي تفصيل الكلام على ذلك مع الأدلة والمناقشة.
المذهب الأول: أن الرهن إذا هلك بنفسه فلا يضمنه المرتهن، وبهذا قال الشافعي والإمام أحمد ومن وافقهما من أهل العلم، واستدل لهذا القول بالسنة والمعنى.
أما السنة: فحديث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه (?)» وجه الدلالة أن المراد بقوله: «له غنمه» - أي له غلته وخراجه - «وعليه غرمه» - أي فكاكه ومصيبته منه - فقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- غرم الرهن على الراهن وإنما يكون غرمه عليه إذا هلك أمانة لأن عليه قضاء دين المرتهن، فإذا هلك مضمونا كان غرمه على المرتهن وسقط حقه لا على