ذكر فإن التراضي في البيع منصوص عليه بقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} (?).
فلو صح ما قال المعترض لبطل بيع المكره ولم يفسد وليس كذلك.
وأجاب عن ذلك: بعدم تسليم هذه الملازمة بل من صحة ما قال المعترض هو ثبوت صحة البيع بالرضا في الجملة على قياس التخلية في الرهن فإنها قبض في الجملة كما في البيع.
وأما السنة: فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: «كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا فنهانا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نبيعه حتى ننقله من مكانه (?)».
وأما المعنى: فما ذكره أبو يوسف من الحنفية من أن قبض الرهن موجب للضمان ابتداء إذ لم يكن الرهن مضمونا على أحد قبل ذلك فلا يثبت إلا بالقبض حقيقة كالغصب. وناقشه الزيلعي من الحنفية بأن هذا القياس باطل لأن قبض الرهن مشروع فأشبه البيع، والغصب ليس بمشروع فلا حاجة لثبوته بدون قبض حقيقة وهو النقل.
القول الثاني: أن تخلية الراهن بين الرهن وبين المرتهن برفع الموانع والتمكين من القبض قبض حكمي، وبهذا قال جمهور الحنفية ومن وافقهم من أهل العلم.
واستدل لهذا القول بالمعنى:
أولا: قال الزيلعي: إن التخلية عبارة عن رفع الموانع من القبض وهو فعل المسلم دون المتسلم، والقبض فعل المتسلم وإنما يكتفى فيه بالتخلية لأنه في غاية ما يقدر عليه والقبض فعل غيره فلا يكلف به.