ونوقش: بأنه جاء في حديث أبي رافع في بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- إياه إلى اليهودي يسلفه طعاما لضيف نزل به فأبى إلا برهن فرهنه درعه.

وأجيب عنه: بأنه خبر انفرد به موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف، ضعفه ابن القطان وابن معين والبخاري وابن المديني، وقال أحمد بن حنبل: لا تحل الرواية عنه.

وأما الاستصحاب: فهو أن الأصل عدم مشروعيته في الحضر، ولم يرد ما يخرج عن هذا الأصل، فيبقى عدم المشروعية على ما هو عليه.

ويمكن أن يناقش بأن الاستصحاب إنما يعمل به مع عدم الدليل المعارض له، وقد ورد ما يدل على رفعه، وهو ما سبق من الدليل الدال على أنه -صلى الله عليه وسلم- رهن درعه في الحضر من يهودي في طعام أخذه لأهله، وما روى البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة (?)».

إذا علم ما سبق من مشروعية الرهن في السفر؛ فهل ذلك على سبيل الوجوب في السفر والحضر معا أو أنه ليس بواجب فيهما، أو أنه واجب في السفر دون الحضر؟

وفيما يلي ما تيسر من أقوال أهل العلم في ذلك، مع الأدلة والمناقشة:

القول الأول: أنه ليس بواجب لا في السفر ولا في الحضر، وممن قال بذلك: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

قال ابن قدامة: والرهن غير واجب لا نعلم فيه مخالفا.

واستدل لهذا القول بالكتاب والسنة والمعنى.

أما الكتاب فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (?) إلى قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015