ثانيا: حكمه:
اتفق أهل العلم على مشروعيته في السفر واختلفوا في مشروعيته في الحضر فنذكر الخلاف في ذلك مع الأدلة والمناقشة:
القول الأول: أنه مشروع في الحضر كالسفر، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة واستدلوا بالكتاب والسنة والمعنى.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} (?).
وجه الدلالة: أن الله تعالى لما ذكر الندب إلى الإشهاد والكتب لمصلحة حفظ الأموال عقب ذلك بذكر حال الأعذار المانعة من الكتب، وجعل لها الرهن، ونص على السفر الذي هو غالب الأعذار، لا سيما في ذلك الوقت؛ لكثرة الغزو، ويدخل في ذلك المعنى كل عذر، فرب وقت يتعذر فيه الكاتب في الحضر؛ كأوقات أشغال الناس؛ وبالليل، وأيضا فالخوف على خراب ذمة الغريم عذر يوجب طلب الرهن.
وأما السنة: فما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترى من يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعا له من حديد (?)». وعن أنس قال: «رهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- درعا عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيرا لأهله (?)». رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه.
وجه الدلالة: أنه -صلى الله عليه وسلم- رهن في الحضر ولم يكتب.
وأما المعنى: فإنه عقد وثيقة لجانب الاستيفاء، فيعتبر بالوثيقة في طرف الوجوب وهي الكفالة.